فرقة هياكل بعلبك تحافظ على الإرث والفولكلور والتراث
إليانا بدر
لطالما كانت مدينة بعلبك من أبرز المناطق اللبنانية التي اختزنت إرثًا ثقافيًا عريقًا، بفضل موقعها الاستراتيجي الذي جعلها في العصور القديمة ملتقى طرق القوافل التي كانت تربط الساحل المتوسطي بالبر الشامي، وشمالي سوريا بشمالي فلسطين.
وقد شيّد الرومان فيها معابد ضخمة جذبت لسنوات طويلة أعدادًا كبيرة من السياح العرب والأجانب، واحتضنت المدينة مهرجانات عالمية استضافت أشهر الفنانين. وما زاد من جمال بعلبك نخوة أهلها وتمسكهم بتقاليدهم المتوارثة حتى يومنا هذا.
رغم التراجع الملحوظ في عدد السياح خلال السنوات الأخيرة، لا يزال أبناء بعلبك مصرين على إبراز جمال مدينتهم التراثي والثقافي، ومن أبرز هذه الجهود ما تقوم به جمعية فرقة هياكل بعلبك، التي تعمل على جمع الصغار والكبار حول فن الدبكة وتقديم صورة مشرقة عن التراث البعلبكي.
حول هذا الموضوع، التقينا رئيس جمعية فرقة هياكل بعلبك، السيد هيثم عباس الدبس، وكان هذا الحوار:
– حدثنا عن الجمعية وأبرز أهدافها؟
جمعية “هياكل بعلبك” هي جمعية تراثية ثقافية مركزها الرئيسي في الجديدة – بيروت، بينما تقع قاعة التدريب في مدينة بعلبك. تضم الجمعية هيئة إدارية وعامة، بالإضافة إلى فرقة دبكة وفولكلور مؤلفة من 150 راقصًا وراقصة.
تأسست الجمعية عام 1992، وشكّلت نواتها ستة رجال تعلموا فن الدبكة من كبار السن في بعلبك، أمثال زكريا صلح (أبو يحيى)، محمد صلح (أبو مجد)، حسن شلحة (أبو مصطفى) وغيرهم. وقد نالت الجمعية ترخيصًا رسميًا من وزارة الشباب والرياضة عام 2003.
هدفنا الأساسي هو الحفاظ على التراث الأصيل، ونشر ثقافة الفرح والسعادة من خلال الفن الذي نعتبره وسيلة تتخطى الطوائف. نُقيم عروضًا تراثية على مسارح لبنان وشاشات التلفزة، وخصوصًا في فصل الصيف حيث ننظم “اليوم البعلبكي” الذي يضم عروض دبكة، وركوب خيل، ولوحات فولكلورية تقليدية.
– ماذا حققتم حتى اليوم؟ وما مشاريعكم المستقبلية؟
مثّلنا لبنان في مهرجانات عالمية عدّة أبرزها “القرية العالمية” في الإمارات، وفي عام 2005 قدمنا عملًا مسرحيًا بعنوان “العرس البعلبكي” على مسرح الأونيسكو. كما أنشأنا أكاديمية لتعليم الدبكة البعلبكية في بعلبك وبيروت (الحازمية).
من مشاريعنا المستقبلية، بناء مركز ثقافي في بعلبك يضم مسرحًا وقاعات تدريب، وقد حصلنا على الترخيص، لكن المشروع توقف بسبب جائحة كورونا والأزمة المالية، ونعمل حاليًا على استكماله.
– كيف تعملون على حفظ العادات والتقاليد البعلبكية؟
بعلبك مظلومة إعلاميًا، ويُركّز الضوء فقط على القلعة والمهرجانات، بينما تحوي المدينة إرثًا غنيًا كـ “العرس البعلبكي” الذي يمتد لسبعة أيام. نحن كجمعية نحرص على توثيق هذه التقاليد وتقديمها في أعمالنا، لأننا نؤمن بأن من لا ماضٍ له، لا حاضر ولا مستقبل له.
الدبكة جزء من هويتنا، وهي مغروسة في وجدان اللبنانيين، ونحن في “هياكل بعلبك” نسعى لتعزيز هذه الفنون وتقديمها بطريقة تليق بها في المهرجانات، الأعراس، وعلى الساحات الدولية.
– كيف أثّر الوضع الاقتصادي عليكم؟ وهل تتلقون دعمًا؟
قبل الأزمة، كنا نتلقى دعمًا محدودًا من وزارتي الشباب والرياضة والثقافة. لكن بعد الأزمة الاقتصادية وانتشار كورونا، تراجعت النشاطات وتوقفت الأعراس والمهرجانات، ما أثر على مواردنا. رغم ذلك، شاركنا بأعمال خارج لبنان ونحاول الصمود، ولكننا نفتقر للدعم من الجهات المعنية،نأمل مع تحسن الاوضاع ان تعود الامور الى ما كانت عليه.
– هل تشهد قلعة بعلبك حركة سياحية كما في السابق؟
تراجعت الحركة السياحية منذ 2010 بسبب الحرب في سوريا، ثم جائحة كورونا، والأزمة المالية والاعتداءات الاخيرة وما تسببت به من دمار وتهجير. رغم أن بعلبك تضم إرثًا هائلًا، إلا أن الاستثمار السياحي شبه معدوم،لكننا نأمل في حال حصول استقرار ان تنهض بعلبك من جديد.
نطالب بخطة سياحية شاملة تتعاون فيها الوزارات والبلديات، لتطوير البنية التحتية وجذب السياح، مما يخلق فرص عمل ويعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
ونؤكد اخيرا أن مهرجانات بعلبك تبقى من الأهم عالميًا، ونطالب الدولة بدعمها ورعاية المدينة لما تمثله من إرث حضاري وثقافي يمكن أن يكون مصدر دخل أساسي للبنان.