مئة يوم من عهد الرئيس عون: من جمر الانتظار إلى شعلة الأمل
بقلم نبيل حرب
منذ اللحظة الأولى التي اعتلى فيها فخامة الرئيس العماد جوزاف عون سدّة الرئاسة، أدرك اللبنانيون أنهم أمام عهد مختلف؛ عهد يشبه احلامهم وتطلعاتهم ويشبههم ،عهد يُبنى فيه الحلم على أسس ثابتة، ويُعاد فيه للكرامة معناها، وللدولة هيبتها، وللرئاسة مقامها،فزال الفراغ الذي امتد لأكثر من عامين ليحل محله العزم على انقاذ لبنان وانتشاله من هوة الاحباط، مئة يوم كانت كافية ليظهر الفرق، لا بالشعارات، بل بالأفعال.
لم ينتظر الرئيس عون طويلاً ليجسّد صورة الرئيس الإنسان. كان اول من زار صباحا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في المستشفى إثر تعرضه لكسر في الورك، ووقف إلى جانبه بمحبة وإكبار في الكنيسة عندما تعثر البطريرك بثوبه في القداس، وفي المستشفى، في مشهد جمع بين الدفء الوطني والوفاء الروحي،كما شارك في قداس الفصح في بكركي وبالجمعة العظيمة في الكسليك وفي كل المناسبات الدينية، ولم ينس زيارة شفيعه مار شربل في بداية عهده طالبا بركاته في قيادة سفينة انقاذ الوطن من محنه ،وفي العيد بدل ان يستقبل ويودع ويستعرض على الشاشات، فتح أبواب قصر بعبدا للأطفال بمناسبة الأعياد، فملأ القصر ضحكهم وبراءتهم، ليؤكد أن لبنان المستقبل لا يُبنى إلا بسعادة أطفاله وبالرهان على شبابه،وحفظ كرامة شيبه.
وفي كل مناسبة دينية، كان فخامته حاضرًا، مشاركًا ومباركًا، مع عقيلته السيدة الأولى نعمت، التي رافقته بروح التواضع والرقي، لتجسد معه صورة عائلة لبنانية مؤمنة قريبة من الناس، بل هي مثل الناس،عائلة نابضة بالمحبة والايمان والصدق والقيم…
لم تكن الرمزية وحدها ما ميزت المئة يوم، بل كان العمل الجاد في عمق الدولة. من زيارته إلى “النافعة” لمكافحة الفساد والرشاوى، إلى تفقده مرفأ بيروت لوقف التهريب واستعادة سيادة القانون. ولم يتردد في الوقوف أمام قادة الأجهزة الأمنية، مشددًا على ضرورة ضبط الأمن، حماية الأملاك الخاصة، وصون كرامات الناس،وهكذا اعطى توجيهاته الحازمة عند استقبال القضاة والتفتيش المركزي وباقي الادارات،محاولا اعادة حقوق وودائع الناس المغتصبة ،انه رئيس لا يساوم على كرامة مواطن، ولا يرضى بالتقصير مهما كانت التبريرات.
أصرّ الرئيس منذ البداية على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها،رغم كل محاولات التعطيل والتأجيل والتمديد، لان تداول السلطة بنظره يعتبر مظهرا من مظاهر الديمقراطية، وأكد التزامه بإجراء الانتخابات النيابية كذلك، إيمانًا منه بأن الديمقراطية ليست خيارًا بل واجب والاستحقاقات يجب ان تتم في مواعيدها . كما أمر بنشر الجيش اللبناني على الحدود، جنوبًا وشرقًا، لحماية الأرض من الاعتداءات الإسرائيلية والاختراقات الإرهابية والتهريب على انواعه، مؤكدًا أن لا سيادة دون حماية شاملة لكل شبر من ارض الوطن.
في الشأن الخارجي ،جال الرئيس على عدة دول لبناء وترميم أفضل العلاقات مع أصدقاء لبنان العرب والاجانب، وفتح الأبواب أمام المستثمرين للعودة بثقة الى وطنهم رغم الظروف، مطمئنًا السياح أن لبنان آمن وجاهز لاحتضانهم. وكان للرئيس عون الفضل في تشكيل حكومة متجانسة وواعدة، وأجرى تعيينات إدارية وأمنية على أعلى المستويات، واضعًا معيار الكفاءة فوق كل اعتبار،محاولا ملء الفراغ في المؤسسات تبعا لمعايير الكفاءة بدل المحسوبيات.
حمل الرئيس مع زوجته السيدة نعمت، شعلة التواضع والعائلة، وأعاد الاعتبار لرئاسة الجمهورية التي كادت أن تُنسى. تشدّد في محاربة الفساد والتنفيعات مدركا لهموم الناس وهواجسهم، وسعى لاعتماد المكننة الحديثة في الإدارات، كمفتاح شفاف للتطوير. آلمته هجرة الشباب والكفاءات، ورفع اسم لبنان عاليًا، وطنًا يستحق البقاء فيه والعودة إليه.
لم يكن الرئيس جوزاف عون بعيدًا عن الناس، بل كان منهم وفيهم. محب، صادق، متواضع،يشبه شعبه، وهو صلب لا يلين، لا تهزه التحديات، ولا تغويه الشعارات. أعاد هيبة الرئاسة دون ضجيج، واستعاد الثقة بأن لبنان يمكنه النهوض، ولو من تحت الرماد.
في عيد الفصح، خاطب اللبنانيين بكلمات وجدانية تلامس القلب، بل اقتحم فيها قلوبهم، متمنّيًا لهم الخير، والسلام، والصبر، متعهدًا أن يحقق ما وعد به، لأن أهدافه هي ببساطة أهداف الناس.
واليوم، ونحن ننظر إلى هذه المئة يوم،المليئة بالانجازات والتي لا يمكن تعدادها في مقال، ورغم بعض اصوات النشاز والتحامل التي اعتدنا عليها من قبل بعض المنتفعين واصحاب الغايات الرخيصة كنفوسهم ،لا يسعنا إلا أن نردد: نعم، فخامة الرئيس، لقد أعدت الأمل، وها نحن نراك تقود المركب نحو شاطئ الأمان، بوعد لا يخلف، وعزم لا يلين.
وختامًا، يتقدم فريق موقع الحاضر نيوز بأحرّ التهاني من فخامة الرئيس وعقيلته السيدة نعمت، وعائلته الكريمة، متمنين له دوام الصحة والعطاء، وأن يحقق كل ما يصبو إليه من أجل لبنان، لأن أهدافه، كما اعلن، هي حقًا أهدافنا جميعًا.
فخامة الرئيس
لقد أثبتم على الدوام أنكم رجل دولة من طراز رفيع، تحملون همّ الوطن في قلبكم، وتدافعون عنه بكرامة وعنفوان ،في زمن التحديات، كنتم صمّام الأمان، وحصنًا منيعًا في وجه الفتن، وصوت الحكمة في خضم الأزمات.
نرفع الدعاء أن تبقى ذخراً لنا، ورمزًا للوطنية الصادقة، وأن يُمدّكم الله بالصحة والعافية لمواصلة المسيرة في خدمة لبنان وشعبه،وسيكتب التاريخ عنكم وعن مواقفكم الوطنية المشرفة بأحرف من ذهب…