واقع البطالة في لبنان: أزمة متفاقمة وشباب يبحث عن الأمل

تقرير خاص – الحاضر نيوز

تُعدّ البطالة واحدة من أخطر الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي تعصف بلبنان في السنوات الأخيرة، حتى باتت شبحًا يُطارد آلاف الشباب والشابات من مختلف المناطق والطوائف والمستويات التعليمية. وقد ساهمت الأزمات السياسية، والانهيار الاقتصادي، وتراجع الاستثمارات، في رفع نسب البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، وسط غياب سياسات حكومية فاعلة لمعالجة هذه الظاهرة المتفاقمة.

أرقام مرعبة… والآتي أعظم

بحسب تقارير رسمية وأخرى صادرة عن منظمات دولية، تجاوزت نسبة البطالة العامة في لبنان عتبة 30%، فيما تصل إلى نحو 47% بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا. هذه الأرقام تعني أن ما يقارب نصف القوة الشابة المنتجة في البلاد لا تجد وظيفة، رغم حصول عدد كبير منهم على شهادات جامعية وتخصصات عالية.

ويُعدّ النزوح الجماعي للكفاءات (Brain Drain) من أبرز نتائج هذه الأزمة، إذ يختار آلاف الخريجين سنويًا الهجرة بحثًا عن فرصة كريمة خارج الحدود، بينما يغرق من تبقّى في الوطن في دوامة البطالة أو يعملون في وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم.

ماذا يفعل الشباب العاطل عن العمل؟

أمام هذا الواقع القاسي، لم يقف الشباب اللبناني مكتوف الأيدي. بل لجأ العديد منهم إلى ابتكار وسائل بديلة لتأمين دخل أو إثبات الذات:

1. العمل الحر والعمل عن بُعد: استفاد كثيرون من الفرص التي توفرها المنصات الإلكترونية، فدخلوا عالم العمل الحر (Freelance) في مجالات مثل التصميم، البرمجة، الترجمة، التسويق الرقمي، وتحرير المحتوى.

2. المشاريع الصغيرة: أطلق عدد من الشباب مشاريع فردية رغم التحديات، منها ما هو منزلي (مثل الطبخ، تصنيع الصابون، الحرف اليدوية) ومنها ما هو رقمي (بيع منتجات عبر الإنترنت، إنشاء صفحات تجارية على “إنستغرام” و”فيسبوك”).

3. التدريب والتطوير الذاتي: وُجدت فئة كبيرة تُركّز على تطوير مهاراتها الذاتية من خلال الدورات المجانية أو المدفوعة على الإنترنت، في محاولة لزيادة فرص التوظيف أو تحسين شروط العمل المستقبلية.

4. العمل المؤقت وغير النظامي: لجأ البعض إلى وظائف يومية أو موسمية، لا توفر الأمان الاجتماعي لكنها تؤمن الحد الأدنى من المعيشة، مثل التوصيل، البناء، أو العمل في المقاهي.

5. العمل التطوعي والمشاركة المجتمعية: لم تغب روح المبادرة عن قسم من الشباب الذين قرروا الانخراط في العمل الأهلي والتنموي، إيمانًا بضرورة التغيير من الداخل وانتظارًا لانفراج سياسي واقتصادي يُنقذ ما تبقّى.

في ظل هذا المشهد القاتم، يحمّل الشباب اللبناني الطبقة السياسية مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع. فهم يطالبون بخطط إنقاذ حقيقية، تقوم على:

دعم المشاريع الناشئة.

تنظيم سوق العمل.

تعزيز برامج التدريب المهني.

إعادة الثقة بالاقتصاد والمؤسسات.

وقف الهدر والفساد.

البطالة في لبنان ليست مجرّد رقم في الإحصاءات، بل مأساة يومية يعيشها مئات آلاف الشبان. ورغم سواد الصورة، لا يزال الأمل قائمًا بقدرة هذا الجيل على التغيير، بشرط أن تُفتح أمامه الأبواب… لا أن تُغلق في وجهه.

شاركها.

إجمالي عدد زوار الموقع: 122,182