حبوبة عون
نحو نهج سياسي جديد: المسؤولية قبل الامتيازات
لقد عانت شعوبنا على مدى عقود من التلاعب والوعود الجوفاء، حيث استُخدمت آمالها كوقود لاستمرار منظومات سياسية تكرّس الجمود بدلاً من التطوير. وبينما لا يزال المواطن يُمنّي النفس بتغيير حقيقي، تستمر ذات الوجوه، وذات الأساليب، وذات الشعارات دون أي التزام ملموس بالإنجاز.
إن المشاركة في أي دورة انتخابية قادمة يجب أن تكون مشروطة بوجود برامج واضحة ومحددة زمنياً، بحيث يقدم كل مرشح خططاً عملية تنموية تتضمن مراحل تنفيذ مدروسة وقابلة للقياس. يجب أن تُلغى التصريحات الفضفاضة المبنية على وعود مستقبلية غير ملموسة، وأن تقتصر إطلالات المسؤولين على تقديم تقارير إنجاز فعلية: “عملنا، أنجزنا، أنهينا المشروع كذا وكذا وفق الجدول الزمني المحدد.”
كما يجب أن يكون هناك استفتاء شعبي ملزم لكل قرار جوهري، بحيث يُبنى على تصويت الناخبين كافة، لضمان أن القرارات لا تُتخذ وفق مصالح فردية أو حزبية، بل وفق إرادة الشعب الحقيقية.
أما الامتيازات السلطوية، فيجب أن تصبح من الماضي. لا مواكب رسمية، لا سيارات فاخرة، لا حاشية خاصة، بل مسؤول يتصرف كمواطن عادي، يتميّز فقط بالتفاني في خدمة مجتمعه. كما ينبغي أن يتلقى أبناء المسؤولين تعليمهم في المدارس الرسمية، ليكونوا ملزمين بتطوير هذا القطاع وتحسين أدائه، بدلاً من تركه عرضة للإهمال.
إن الإصلاح الحقيقي لا يكون بالتبديل الشكلي للوجوه، بل بتغيير جوهري في نهج الحكم وأساليب الممارسة السياسية، حيث تكون المحاسبة قبل الامتيازات، والإنجاز قبل الوعود.
وإلا فسنظل ندور في حلقة مفرغة، كمن يمضي نحو الهلاك ببطء.