“ألغام غرفة الأخبار”… ضغطة واحدة تغيّر العالم
في أول إصداراته الأدبية، أطلق الصحفي السوري آلجي حسين، المقيم في دولة الإمارات، كتابه المعنون “ألغام غرفة الأخبار”، عن دار “تعلّم للنشر والتوزيع”. يقدّم الكتاب قراءة introspective في يوميات الصحفي العامل داخل غرفة الأخبار، مشبّهاً ضغطة زر النشر بتفعيل زر السلاح النووي، من حيث التأثير لا من حيث الدمار المادي، بل من حيث القدرة على تغيير الوعي والمعرفة وسلوك المجتمعات.
يصف حسين مهنة تحرير الأخبار بأنها أشبه بالسير في حقل ألغام، أو كمن يعمل في منجم فحم حيث لا يُستبعد الانفجار في أي لحظة. ويقول: “هذه غرفة الأخبار، أيها السادة والسيدات، ساحة مليئة بالتحديات! إنه عالمي، عالم الأخبار.”
ويشير الكتاب إلى أن الأخبار، برغم طابعها المثير، قد تحمل في طياتها خطراً كبيراً إذا أُسيء استخدامها. ففي عصر تهيمن فيه الكلمة على العقول، تصبح الكلمات “رصاصات” لا تقل خطورة عن الأسلحة الحقيقية، ويصبح من واجب الصحفي التعامل معها بحذر شديد من حيث التوقيت والسياق والنية.
أحداث ساخنة وأخبار متلاحقة
ينتقل المؤلف بين أبرز الملفات الدولية: ما بعد سقوط النظام في سوريا، الحرب الروسية الأوكرانية، الصراعات في السودان واليمن، حرب غزة، وتقلّبات أفريقيا، بالإضافة إلى قرارات الرئيس الأمريكي الجديد، أزمات اللجوء، صعود اليمين في أوروبا، انتخاب رؤساء في أميركا اللاتينية، وتعقيدات القارة الآسيوية، وغيرها. ويصف هذه الأحداث بـ”الوجبات السريعة” التي يتعامل معها الصحفي كل يوم داخل غرفة الأخبار.
ويضيف حسين: “أمضي أكثر من عشر ساعات يومياً في مواجهة سيل لا يتوقف من الأخبار، أتابع التفاصيل من شاشة التلفاز، وأتنقل بينها عبر هاتفي، وأستمع إليها حتى في سيارتي. إنها متعة لم أعد قادراً على التخلي عنها.”
مهنة تحرق الأعصاب وتُغذّي الروح
يقع الكتاب في 100 صفحة، ويتوزع على عشرة فصول، من بينها فصل بعنوان “الأخبار لذّة وأذى”، حيث يسلط الضوء على الجانب المجهد لمهنة الإعلام، إذ يمضي الصحفي ساعات طويلة خلف الشاشات يتابع، يترجم، ويصوغ الأخبار بدقة.
أما فصل “الكلمة رصاصة في حقل ألغام”، فيؤكد على المسؤولية الكبيرة التي يتحملها الصحفيون عند التعامل مع الكلمة، ويشبه المؤلف ذلك بفريق نزع ألغام لا يفارقهم، والمتمثل في ضمائرهم الإنسانية والمهنية.
وفي فصل آخر بعنوان “زر النشر أم الزر النووي؟”، يُذكّر المؤلف بأن الكلمة قد تكون أكثر نفوذاً من السلاح، وأن الدعاية التي كان يتولاها غوبلز لم تعد اليوم سوى جزء من الماضي، إذ أصبحت الرصاصة الإعلامية تبحث عن هدفها بدقة أكبر.
كما يناقش الكتاب قوة التأثير الناعمة للأخبار، التي تنفذ إلى الوعي الإنساني دون حواجز، مشيراً إلى أهمية النظريات الإعلامية في تسهيل العمل الإخباري وتحويله من مهنة مرهقة إلى عرض مسرحي أو سيمفونية متكاملة.
رسالة إلى الصحفيين: الإيجاز والإتقان
وفي الفصل الأخير، “النداء الأخير للمحررين”، يدعو آلجي حسين زملاءه إلى تطوير مهارات البلاغة والاختصار، دون التضحية بالمعنى أو اللغة، مشدداً على استخدام لغة إعلامية بيضاء، دقيقة وخالية من التكلّف، والبحث عن الملاحظات المهنية البنّاءة بدلاً من الثناء غير المفيد.
عن المؤلف
آلجي حسين، صحفي وكاتب ومدرب إعلامي سوري من أصول كردية، يحمل الإقامة الذهبية في الإمارات ضمن فئة “النوابغ”. تولّى العديد من المناصب الإعلامية بدءاً من مراسل إلى مدير تحرير ومستشار إعلامي. نال عشرات الجوائز والتكريمات، وشارك في تغطية أحداث ساخنة من العراق وسوريا إلى الصومال، ويجيد العربية والكردية والإنكليزية، ويحمل شهادتي بكالوريوس وماجستير في الإعلام.