لماذا تخنقون الناس؟
بقلم نبيل حرب
كنا نظن – وبعض الظن حلم – أنكم ستراجعون ميزان الضرائب، فترفعون عن كاهل الفقراء أثقالهم، وتعيدون شيئًا من التوازن لميزان العدالة الاجتماعية. تأمّلنا، وكنّا على يقين، أن ساعة الإنصاف قد دقّت وهللنا لذلك، فإذا بكم تفاجئون الناس بضرائب جديدة اولها على المحروقات، لا تطال سوى من لا سند لهم ولا معيل، من يلهثون كل صباح خلف رغيف، ويعودون كل مساء بخيبة!

كنا ننتظر منكم زيادة الحد الأدنى للأجور، ورفع المظالم عن الكادحين، وتصحيح الرواتب كما وعدتم بعدما أكلها التضخم ودهستها الأسعار، ففوجئنا أن الوعود ما زالت وعودًا، والواقع يزداد قسوة، والحال إلى الأسوأ تمشي.

قلنا ربما تستفيقون إلى وجع الناس، فتبادرون إلى خفض كلفة الاستشفاء، إلى دعم الكهرباء، إلى تأمين المياه، إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه من بقايا بلاد فقدت معناها. انتظرنا شبكة نقل عامة تقلّنا إلى أعمالنا بكرامة، وتوفّر علينا الذلّ اليومي في زحمة الطرق وأسعار الوقود، فإذا بنا نُساق نحو مزيد من الإذلال، وكأن المواطن خُلق فقط ليدفع… ويدفع… ثم يُدفن وهو يخاف ان يموت لانه لا يملك ثمن التابوت.

تأمّلنا… الكثير الكثير. ولكن يبدو أنه سراب في صحراء وعودكم وتصاريحكم. لا جديد تحت شمسكم المحروقة بالكلام المعسول. لكن الوجع ذاته يتكرر كل صباح، والفقر ذاته يتوسّع كل مساء، وحلقة البؤس تدور وتدور وتتسع… ونحن مكاننا نراوح!

أيها السادة : أليس فيكم من يسمع؟ أليس فيكم من يرى؟ أليس فيكم من يجرؤ على الاعتراف أن البلاد ليست بخير، وأن الناس تُجلد بلا ذنب؟اليس فيكم من يرى البؤس على وجوه الناس وهم يلهثون صباحا الى اشغالهم؟

كفى استهتارًا! كفى مكابرة! الفقراء لم يعودوا قادرين على احتمال يوم آخر من سياسة الوعود والمجاملات . وإذا كنتم لا تملكون الحل،فقولوا ذلك صراحة ولا تعيشوا الناس بالآمال والاحلام… فالشعب يكاد يموت جوعا وفقرا وقهرا، وإن جوعتموه، وظننتموه صامتًا. الا ان صوت وجعه الآن أقوى من أي وقت مضى، وإن لم تسمعوه… فأنتم لا تستحقونه!فلا تدعوا هذا الشعب يفقد الثقة بكم ويفقد الرجاء ويكفر بالوطن وبكل شيء…

شاركها.

إجمالي عدد زوار الموقع: 119,934