على هؤلاء يجب ان تفرض الضرائب…

بقلم: نبيل حرب

في بلد تُرك فيه الفقير لمصيره، لا يمكن أن تمر زيادة على أسعار المحروقات مرور الكرام،وقد اعقبتها زيادة على كل السلع والمواصلات في حين ظلت اجور العمال على حالها، فحين يُرفع سعر البنزين والمازوت، فإن المتضرر الأول ليس من يملك أربع سيارات و”أوف رود” و”يخت”، بل ذاك العامل الذي يستيقظ مع الفجر ليقطع عشرات الكيلومترات بحثاً عن لقمة عيش، أو ذاك السائق العمومي الذي بالكاد يُطعم أولاده من عائد يومه، أو العائلة التي تعيش على فتات الزراعة والحرف في قرى الجبال والسهول.

من المؤسف أن تُحمّل الأزمة لمرة جديدة على ظهر الفقراء. ومن المؤسف أكثر أن نجد من يهاجم المعترضين-ممن اثروا على حساب بؤس الفقراء – على هذه السياسات الجائرة وكأن الفقراء هم من خربوا البلد ونهبوا المال العام وأهدروا الموارد.

نقولها بصوت عالٍ: الضرائب العادلة تُفرض على من يملك، لا على من بالكاد يعيش. الضرائب تُفرض على الأرباح الفاحشة، على الأملاك الخاصة التي شُغلت بلا بدل، على الأملاك البحرية والنهرية العامة المغتصبة، على السفر بدرجة أولى، على المشروبات الفاخرة، على الأرقام الهاتفية المميزة،على ارقام السيارات المميزة ايضا،على السفر درجة اولى، على ناطحات السحاب التي ترتفع في بيروت وتُضيء ليلاً في زمن الظلام، على السيارات الفارهة، على البيوت الثانية والثالثة التي يملكها البعض ولا يسكنها.

في بلدٍ تنهار فيه الطبقة الوسطى، وتُسحق فيه الطبقة الفقيرة، تصبح العدالة الضريبية واجباً وطنياً لا خياراً سياسياً. والعدالة هنا تعني أن لا يتحمّل من يفتّش في القمامة، عبء من يشرب النبيذ الفاخر على شاطئ مغتصب من أملاك الدولة.

نعم، نطالب بترشيد الدعم، ونطالب بإصلاحات اقتصادية، ولكننا نرفض أن تكون هذه الإصلاحات على حساب كرامة الإنسان. نريد دولة تستعيد الأملاك العامة قبل أن ترفع تسعيرة النقل، نريد محاسبة الهاربين من الضرائب قبل مدّ اليد إلى جيب من لا يملك سوى قوت يومه.

كفى استسهالاً في جلد الشعب. كفى تحميل الضحية ذنب الجلاد. من لم يعرف بعد أن الناس تعبت، فليجرب أن يزور أحياء طرابلس وضواحي بيروت والبقاع والجنوب والهرمل وقرى وبلدات هذه المناطق، حيث الناس تستر عوزها بالخجل، وتخفي ألمها بالكبرياء.

لسنا ضد الإصلاح،وطالما نادينا به، بل نحن في صلب معركته. لكن الإصلاح لا يكون بالبطش بالفقراء، بل باستعادة المال المنهوب، وتنظيم الجباية العادلة، ومحاربة التهرب الضريبي، ووقف الهدر والفساد،وتفعيل إدارة أملاك الدولة التي ما زالت تُدار كأنها ملك خاص لبعض النافذين.

نحن ندافع عن الإنسان، لا عن الريع. عن الكرامة، لا عن الرفاه. وعن الوطن الذي لا يمكن أن ينهض ما دام يُقصي نصف شعبه ويُثقل عليه بالأعباء.

في النهاية، الجوع لا يُقنع بالحجج، والفقر لا يصبر طويلاً. فكونوا عادلين كما عهدناكم دائما… واسمعوا صراخ الناس الذين صلوا وراهنوا على وصولكم الى السلطة لإحقاق الحق ومساعدة الطبقات الشعبية الكادحة التي ما زالت تحيا بحد ادنى لاجور لا يعيل عصفورا،ولم يرفع ولو قليلا كما وعدوا،وقد شبعت وملت من الوعود والكلام المعسول لعقود مضت،وتريد افعالا بحجم الامل الكبير الذي علق عليكم.فلا تخيبوا الناس.

شاركها.

إجمالي عدد زوار الموقع: 119,965