ماذا ينتظر التلامذة بعد تخرجهم من المدرسة؟
قسطنطين: نسعى لتوجيههم مهنيًا وأكاديميًا… ومطابقة مهاراتهم للمهنة.
ماذا ينتظر شبابنا بعد تخرجهم من المدرسة؟ إلى أي جامعة سيتوجهون؟ وما هو الاختصاص الذي يتلاءم مع قدراتهم وإمكاناتهم ويواكب العصر من حيث فرص العمل؟ وما هي الاختصاصات التي يحتاجها سوق العمل حتى لا تخرّج جامعاتنا عاطلين عن العمل، ليس أمامهم سوى خيار الهجرة؟ وكيف يمكنهم اكتشاف مدى تطابق مهاراتهم مع مهنة معينة؟
أسئلة كثيرة تشغل بال الشباب اللبناني وذويهم، وهي هواجس حقيقية في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة. في هذا الإطار، التقينا بالسيد سمير قسطنطين، مؤسس ومدير عام “وزنات”، وقدم إجابات شافية للشباب اللبناني، من خلال مساعدتهم على اكتشاف ميولهم ومهاراتهم وتوجيههم أكاديميًا ومهنيًا، عبر برامج متخصصة طُبّقت في أكثر من ١٥٠ مدرسة خلال ٢٣ عامًا من العمل الدؤوب. ولم يكتفِ بذلك، بل سعى أيضًا إلى تطوير وتنفيذ برامج تدريبية على المهارات التقنية والحياتية، وخصوصًا المهارات القيادية.
حوار مع السيد سمير قسطنطين
– ما هي “وزنات”؟
“وزنات” هي مؤسسة تعمل في مجال التنمية، وتركّز تحديدًا على تنمية الأفراد والمؤسسات. تؤمن بأن التطوير المهني والشخصي للعاملين في المؤسسات يساهم مباشرةً في تنمية هذه المؤسسات.
تميّزت “وزنات” في مجالين أساسيين:
1. التوجيه المهني والأكاديمي، حيث تنفّذ برامجها في مدارس بلبنان والأردن والكويت ودول أخرى في العالم العربي.
2. تطوير برامج تدريبية على المهارات التقنية والحياتية، وخصوصًا مهارات القيادة، مثل التواصل الفعّال، إدارة النزاعات، العمل الجماعي، التعامل مع الشخصيات الصعبة، الذكاء العاطفي وغيرها.
—
– ماذا حققتم حتى الآن؟
عندما تأسست “وزنات” عام 2001، لم يكن حجم العمل المتوقع بهذا الاتساع. لكن بعد ٢٣ عامًا، أصبح تأثيرها الإيجابي واضحًا في مختلف المناطق اللبنانية، حيث تعاونت مع مدارس، مؤسسات تجارية، منظمات غير حكومية، وجمعيات أهلية من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، مرورًا بجبل لبنان والبقاع.
الإنجاز الحقيقي لا يكمن فقط في انتشار الخدمة، بل في التأثير الإيجابي الذي تحققه يوميًا مع التلاميذ، المعلمين، العاملين في المنظمات غير الحكومية، والموظفين في الشركات والمستشفيات وسواها.
—
– هل تمكنتم من توجيه الطلاب بشكل صحيح خلال جولاتكم في المدارس؟
اتبعنا منهجية واضحة في المدارس، ونجحنا في تغيير الأولويات عند الطلاب. في السابق، كان التلميذ يركّز على الجامعة التي سينضم إليها أو الاختصاص الذي سيختاره، أما الآن فنساعده على اختيار المهنة أولًا، لأن النجاح في أي مهنة يعتمد على توفر المهارات اللازمة لها.
نعمل مع كل طالب (وأحيانًا مع أهله) لاكتشاف مزايا شخصيته والمهارات التي يتمتع بها. ثم نرشده إلى المهن التي تتطلب هذه المهارات. بعد تحديد المهنة المناسبة، ننتقل إلى اختيار الاختصاص الأكاديمي الذي يوصله إليها.
على سبيل المثال، إذا كان الطالب يمتلك مهارات تقنية تؤهله لإدارة مؤسسة برمجيات، يمكن توجيهه لدراسة علوم الكمبيوتر في مرحلة البكالوريوس، ثم متابعة ماجستير في إدارة الأعمال (MBA) لتعزيز مهاراته الإدارية.
—
– على أي أساس يتم توجيه التلاميذ؟ هل وفقًا لسوق العمل المحلي أم لفرص العمل في الخارج؟
ليس هذا ولا ذاك. نحن لا نوجه التلميذ بناءً على سوق العمل، بل نساعده على مطابقة مهاراته مع المهنة التي تناسبه. فمتى اختار مهنة تتلاءم مع قدراته، سينجح تلقائيًا في إيجاد فرصة عمل، سواء في لبنان أو خارجه.
قد يسأل البعض: “ماذا لو كانت هذه المهنة غير مطلوبة في لبنان؟”
الجواب بسيط: معظم المهن لها طلب في الأسواق الإقليمية والدولية، وليس محليًا فقط. لا ندعو الشباب إلى الهجرة، لكن لا يمكن حصر خياراتهم بسوق العمل اللبناني فقط.
من ناحية أخرى، لا شك في أن بعض المجالات تشهد نموًا كبيرًا، مثل تكنولوجيا المعلومات، السياحة، التعليم، إدارة الأعمال، الاستشفاء، والهندسة.
—
– ألا تلاحظ أن الخريجين يهاجرون قسرًا فور تخرجهم؟
بالطبع، وهذا أمر متوقع في ظل الأوضاع الحالية. استمرار المؤسسات في لبنان، ونمو أعمالها، واستقطابها للخريجين، يعتمد على الاستقرار الأمني وجودة البنى التحتية، خصوصًا في قطاع الاتصالات.
لكن الجامعات لا يمكنها برمجة اختصاصاتها بناءً على الواقع الحالي فقط، بل تأمل بمستقبل أكثر استقرارًا، يسمح للخريجين بالبقاء في لبنان والعمل فيه.
—
– هل طوّرت الجامعات اختصاصاتها لتتماشى مع سوق العمل؟
نعم، فمثلًا قبل 20 عامًا لم تكن هناك برامج متخصصة في الهندسة الصناعية، الهندسة الكيميائية، الهندسة البتروكيميائية، أو هندسة الكمبيوتر.
أما اليوم، فقد أدرجت الجامعات هذه التخصصات، ووفرت أساتذة مؤهلين لتدريسها، نظرًا لحاجة سوق العمل إليها.
—
– ما نصيحتك للطلاب المنتقلين إلى الجامعات؟
أود أن أوجه لهم ثلاث نصائح أساسية:
1. اختر الاختصاص الذي يوصلك إلى المهنة التي تتناسب مع مهاراتك الطبيعية.
2. لا تختر اختصاصًا فقط لأن أهلك يريدونه. افعل ما تحب وما يثير شغفك، لأن النجاح يعتمد على الرغبة والاهتمام.
3. اختر جامعة ذات سمعة جيدة، تتناسب أقساطها مع إمكانات أهلك، وتوفر برامج مساعدات مالية. تأكد من جودة تجهيزاتها، خصوصًا المختبرات والمكتبات ومراكز التعلم.
وأخيرًا، لا تتخذ قرارك تحت ضغط المجتمع أو الأهل، بل بناءً على قناعتك ورؤيتك لمستقبلك المهني.