من المفارقات
——-
من المفارقات الغريبة في الحياة، أنّ من يُنتج لك لا تتنبّه له ولا تحبّه ولا يعني لك، وإن تفوّه بما لا يرضيك تثور عليه وتحقّره. أمّا ابنك الذي يكلّفك الثروة والتعب والقلق تحبّه مهما فعل.
الأول يُنتج لك وهو لا يمت لك بصلة قُربى تثور عليه إن عارض رأيك، وتعامله بكره إن تمادى، أمّا ابنك الذي تُنتج له فيرهقك بالمال والتعب والقلق، ومع ذلك تحبّه.
السؤال هل ابنك إنسان وما ينتج لك غير إنسان؟
هل ما في هذا المثل ينطبق على الدولة؟
هذه الدولة تحبّ أبناءها الذين يكلّفونها الثروات، وتكره الشعب الذي يُنتج لها، وتعامله بقسوة لأنّه لا يستحق الحياة مثل أبنائها.
ترتفع تكاليف المعيشة فتزيد لأبنائها الموظّفين ولا تقدّم غير ارتفاع الضرائب على الشعب الذي يُنتج لها.
ما هو محزن هو باقي الشعب. الشعب الذي لا يعمل أي الذي لا يُّوفق بإيجاد عمل، والكبير في العمر، والمريض، والعاجز. هؤلاء ليسوا من أبناء الدولة أيضاً؟
كل زيادة لمعاشات أبناء الدولة من دون تعويضات لمن لا يعملون هي إمعان في الفقر والقهر لهؤلاء.
القاعدة كما يجري تطبيقها: من تدفع له الدولة تحبّه، ومن يُنتج لها مع من كان يُنتج لها تكرهه وتذلّه.
عقليّة الوظيفة مرتبطة بعقليّة الحصانة عند البعض، وبعقليّة السرقة عند البعض الآخر، وكلّهم أبناء للدولة، أمّا الشعب الذي عاش يتيماً ومكروهاً ومنسيّاً، سيبقى كذلك في بلد تتهافت فيه الناس لتكون من أبناء الدولة.