قداسة البابا فرنسيس، راعي القلوب وصديق الشباب
بقلم الخوري رائد طنوس

 

أيُّ شكرٍ هذا الذي يكفي وقد أودعكَ الربّ قلبًا اتّسع للعالم بأسره؟
أيُّ كلماتٍ هذه التي تستطيع أن تحيط بسرّ تواضعك وعظمة محبتك؟
أبتِ، يا راعينا ووالدنا الحنون، في رحيلك امس، نجد أنفسنا عاجزين أمام بحر عطاءاتك. كيف نختصر تاريخك، وأنت الذي ذُبتَ حبًّا وخدمةً من أجل الكنيسة والعالم والشبيبة؟
لقد علّمتنا، لا بالكلام بل بالعيش، أن الراعي هو ذاك الذي «تنبض يداه برحمة الله» وأن الكاهن ليس سلطانًا بل أبٌ يسير مع أبنائه. لم تكن رئيسًا نخشاه بل أبًا يحتضن، لم تكن زعيمًا يأمر بل أخًا يشجّع ويغفر.
فيك، قداسة البابا فرنسيس، رأينا السامريّ الصالح، والمربّي الفاضل، الذي ينحني على جراح الإنسان، وينتشل الحزانى من قعر آلامهم.
فيك، رأينا العطاء يتجسّد إنسانًا، والحبّ يصير يدًا ممدودة للجميع بلا استثناء. كنتَ القلب الذي يبحث عن الخروف الضائع، والصوت الذي يدعو بأسماء أحبّائه في زمن المتاهات.
يا أبانا، يا راعي الكنيسة الجامع، أحببت الشبيبة بمحبة المسيح الصافية، دعوتهم لينهضوا، ليبنوا، ليصغوا إلى حلم الله في قلوبهم. علمتنا أن الإيمان ليس عبئًا بل فرحًا، والرجاء ليس وهمًا بل نورًا يشق ظلمات العالم.
علّمتنا أن التواضع هو تاج العظمة، وأن الكنيسة بيتٌ للجميع، لا أبواب فيه تُغلق أمام الضعفاء أو الخطأة. لقد مشيت أمامنا، بسيطًا، متواضعًا، مبتسمًا، تحمل صليب الخدمة بشجاعة وتقول لنا: “صلّوا من أجلي”، كأنك تُذكّرنا أنّ الأعظم بيننا هو الذي يخدم.
وها نحن ، أمام نعشك، لا نودّعك بل نشكر الله عليك.
نشكر حياتك التي صارت لنا إنجيلاً حيًا. نشكر ابتسامتك التي شقّت جدار الخوف، وحبّك الذي تخطّى الحدود، وصبرك الذي صنع المعجزات الصغيرة في القلوب الكبيرة.
نشكرك لأنك أبٌ علّمنا أن نحب، وراعٍ قادنا إلى المراعي الخضراء، وإنسانٌ ذكّرنا أن السماء تبدأ من قلب يغفر.
أبتِ، لن تموت محبتك، ولن يغيب عطاؤك. سيظل صوتك همسَ الروح في أيامنا المقبلة: “لا تخافوا، الله معكم.”
صلّ من أجلنا من عند الآب الذي أحببته وخدمته، واسأل له أن يجعلنا شهودًا على تلك المحبّة التي أنت ختمتها بدمعك وصلاتك وتعبك من أجل الكنيسة والعالم.
لك في قلوبنا صورةً لا تزول، وسيرةً ستبقى حيةً كنبض الرحمة في قلب الكنيسة.
سلامٌ عليك، يا أبانا الحبيب.
سلامٌ عليك، يا راعي المحبة والرجاء.

شاركها.

إجمالي عدد زوار الموقع: 121,907