“إدمون رزق… أديب الدستور وحارس العدالة في تكريم يليق بالقامات في جامعة الروح القدس – الكسليك”

كاتي يمين

في احتفالٍ تخطّى الطقوس الجامدة وتحوّل إلى لحظة من الصفاء الوطني والوجداني، كرّمت جامعة الروح القدس – الكسليك قامة فريدة من طينة الكبار: معالي الأديب، الشاعر، والمُشرّع إدمون رزق، رجلٌ وطني بامتياز، ناضل بالكلمة كما ناضل بالموقف، وجمع في مسيرته بين الأدب والسياسة، بين النضال العملي والتأمل الإنساني، بين العمل العام والوفاء للثقافة. رجلٌ تنقّل بين منابر الشعر ومنابر السياسة، محافظًا على نبرة واحدة: الالتزام.

واليوم، في مبادرة رائدة، يقدم إدمون رزق أرشيفه القانوني والسياسي والأدبي لجامعة الروح القدس – الكسليك، ليكون إرثًا حيًا للأجيال القادمة. هذه الهدية ليست مجرد أوراق محفوظة، بل هي أثر إنساني وفكري لشخصٍ جعل من الكلمة سلوكًا، ومن النص مرآة لوطن، ومن الفكر خريطة للمستقبل.

وبمحبة وامتنان، حضرت هذا التكريم، مشارِكةً في لحظة وفاء لرجلٍ سعدت بمحاورته في أكثر من مناسبة، والاقتراب من عوالمه الفكرية والوجدانية، حيث الكلمة تنبض، والصدق يُصغي إلى نفسه. ومن بين هذه اللقاءات، أقدّم لكم تسجيلاً خاصًا يعود إلى العام 2018، ضمن برنامجي “أحجار كريمة” عبر أثير إذاعة لبنان – لقاء محفوظ في أرشيف الإذاعة اللبنانية، أي في قاعدة الذاكرة الصوتية الوطنية، حيث تُجمع الأصوات التي شكّلت الوجدان اللبناني العام.

في هذا الحوار، نكتشف إدمون رزق الإنسان، كما لا يُرى عادةً في الخطابات والمنابر. نلتقيه في لحظة صدق عارية من الزخرف، نسمع صوته الداخلي وهو يروي، يتأمل، ويبوح. إنه صوت الشاعر حين ينحني للكلمة، ورجل العدالة حين يتكلم بضمير لا يُساوم، والإنسان حين يخلع عن نفسه عباءة المناصب ليطلّ على الهاجس، والحلم، والحب، والرجاء.

هو حديثٌ لا يشبه سواه، إذ يكشف عن الجوانب الأكثر إنسانية وعمقًا في شخصية رجل نذر نفسه للكلمة: صوتًا، وفكرًا، وشغفًا. هنا، لا السياسي يتحدث، بل الشاعر الذي تفيض روحه حنينًا، ورجل العدالة الذي يزن الأشياء بعدالة القلب لا بميزان المصالح. رجلٌ لم تغره المناصب، وإن شغلها بجدارة: محامٍ شرس في الدفاع عن القيم، مشرّع ساهم في صياغة لحظات وطنية مفصلية، وزير حمل التربية كرسالة، ونائب بقي صوته أبعد من قاعة البرلمان… أقرب إلى الناس.

أدعوكم للاستماع إلى هذا اللقاء، لا بوصفه وثيقة إذاعية، بل كقطعة حيّة من ذاكرة لبنان… من ذاكرة رجلٍ كتب نفسه بمداد من صدق، في زمن ندر فيه الصدق.

شاركها.

إجمالي عدد زوار الموقع: 122,445