لبنان الحاضر… وموقعه الحاضر
بقلم نبيل حرب
منذ أقل من شهر، انطلقنا بخطوة جريئة، بمغامرة شاقة، بحلم لا يعرف التراجع، وبإرادة لا تعرف التعب، ليكون “الحاضر نيوز” أو “لبنان الحاضر” صوتًا حاضرًا في عالم متخم بالضجيج، عالم متخم بالباطل والأضاليل. أطلقنا الموقع وفي قلوبنا إيمان عميق، وثقة مطلقة، بأن الكلمة الصادقة لا تموت، وأن لبنان، رغم كل الجراح، لا يزال حاضرًا بقوة في ضمير أبنائه، هنا وفي عالم الانتشار، وفي ذاكرة ترفض النسيان، مهما جار علينا الزمان.
اليوم، بعد أقل من شهر، نقف أمام مشهد مدهش: عشرات الآلاف من المشاهدات من لبنان والعالم، وآلاف الرسائل والاتصالات، تبرهن أن الحقيقة عندما تكون حاضرة، لا تحتاج إلى زخرفة ولا إلى إعلان… الجمهور الذي نذرت له “الحاضر نيوز” وفاءها، كان حاضرًا أيضًا، يتابع، يعلّق، يتفاعل، ويؤكد أن الثقة لا تُمنح، بل تُكتسب… ونحن نكسبها لأنه، وببساطة، نحن لا نبيع الناس أوهامًا، لا نزيّف الخبر، لا نبتدع العناوين البرّاقة لكسب “اللايك” دون مضمون لائق، لا ننحاز إلى جهة سياسية معيّنة، وإذا كان هناك من ولاء، فللبنان الوطن لا المزرعة. لا علاقة لنا بالصحافة الصفراء، وأموال الدنيا كلّها لا تجعلنا نكتب غير الحقيقة وقناعاتنا…
في كل يوم، نُسابق الوقت لنكون حاضرين في كل تفاصيل الحياة اللبنانية. نروي القصة التي تُغفلها العناوين العريضة، نلتقط الصورة التي تعجز الكاميرا الباردة عن نقل دفئها، نحمل الصوت الذي يُقصى عن بعض المنصات، نتحاور مع رجالات لبنان في كل دول العالم الذين يسطعون في سمائها كالنجوم. كلّ هذا ونحن نؤمن أن لبنان، رغم الغياب المؤسساتي والإرهاق الاقتصادي، وفقر الناس، هذا اللبنان الخالد لا يزال حاضرًا بنبض شعبه، بكرامته، بثقافته، بعزّته، بعنفوانه، وبتاريخه العريق.
“الحاضر نيوز” أو “لبنان الحاضر” ليس موقعًا عابرًا… بل هو التزام حاضر مع كل قضيّة محقّة، مع كل شهقة ألم، مع كل بسمة أمل، مع كل ضحكة طفل، مع كل دعاء عجوز، مع كل صلاة مؤمن، مع كل فرحة عاشق، مع كل قصة كفاح، مع كل بصيص أمل، مع كل ومضة إبداع، مع كل تقدّم واختراع،مع دعاء كل ام ولهفة كل اب… نحن حاضرون لننقل، لنحلّل، لنحاور، ونتفاعل، لأن الإعلام إن لم يكن حاضرًا في الوجدان، يصبح مجرد آلة فارغة من الروح…
لبنان الحاضر ليس شعارًا نرفعه، بل هو حقيقة نعيشها كل يوم. هو حاضر في المقاهي والجامعات، في الشوارع والحارات، في الشعر والموسيقى، في الاقتصاد والأعمال، في المجتمع والفنون، في التربية وقضايا الشباب، في التكنولوجيا وآخر إبداعات الذكاء، في نبض المغترب وفي صبر المقيم. هو حاضر في ذاكرتنا الجماعية، في متاحفنا المنسيّة، في بيوت المغتربين المهجورة التي زنّرتها خيوط العنكبوت، في تراثنا الذي لا يموت، وفي عيون أطفالنا الذين يحلمون بوطن يليق بهم…
نحن حاضرون بخبراتنا الصحافية الطويلة، ومعظمنا من روّاد الصحافة الورقية التي كان لنا فيها صولات وجولات. حاضرون في كل ما يميّزنا ويصنع الفرق: في كل تقرير، في كل مقابلة حصرية، في كل تحليل عميق، في كل همسة قهر، وكل صرخة عدل. نرصد، نُوثّق، ونسهر، لأن الكلمة عندما تكون صادقة وموزونة وحاضرة، تبني وطنًا وتُسقط جدار الصمت، وقد حان الأوان أن يسقط…
واليوم، بعد أقل من شهر فقط، نقولها بصوتٍ عالٍ: “الحاضر نيوز” أو “لبنان الحاضر” سيكون حاضرًا، وسيبقى حاضرًا. لأنه انبثق من حاجة حقيقية، من إيمان مطلق بأن الإعلام رسالة لا مهنة فقط، وبأن لبنان – رغم كل شيء – سيبقى حاضرًا فينا، ومن خلالنا، ولأجلنا جميعًا.
فشكرًا لكل من كان حاضرًا معنا في هذا المسار، وشكرًا لكل من سيبقى حاضرًا في الرحلة الآتية، وشكرًا لكل من يتجاوب معنا زيارةً وسؤالًا وتعليقًا واتصالًا وإرسالَ مقترحاتٍ وتشجيعًا. فـ”لبنان الحاضر” هو موقعكم، أنتم النخبة الصامتة ولو لم تُعهد إليكم مسؤوليات، أصوات الناس البسطاء أحبّ إلي من كل المتفلسفين الخبثاء. بوجودكم نستمر ونقوى. “لبنان الحاضر” هو أنتم، أما وعدتكم منذ البداية أنكم ستكونون صوت الموقع وسوطه؟